مدونة ميد

النشرات، والمجلات، والمؤتمرات الافتراسيّة

النشرات، والمجلات، والمؤتمرات الافتراسيّة

مقدمة:

في الأعوام الأخيرة، اكتسب مصطلح “النشر أو الاحتفاظ/الفناء” زخماً كبيراً. ما قد وضع المؤسسات التعليمية، والطلاب، والأطباء المبتدئين، وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء تحت ضغطٍ متزايدٍ للحصول على مزيدٍ من النشرات بأسمائهم. في هذه البيئة/في هذا الوسط، قد ازدهر الناشرون، والمجلات، والمؤتمرات الافتراسيّة. إذاً ماذا يُمثِّل الناشرون والمؤتمرات الافتراسيّة؟

 “لم يَنشرْ، فهَلِكَ”

إنَّ مصطلح “ناشر مفترس” أطلقه جيفري بيال Jeffery Beall باحث وأمين المكتبة في جامعة كولورادو دنفر Colorado Denver. بالتعريف، يستغل النّاشرون المفترسون المؤلّفين لتحقيق مكاسب مالية. ولذلك، فإنَّ النّشر الافتراسي مُتاح الوصول عبارة عن نموذج استغلالي من الأعمال التّجاريّة للنشر الأكاديمي مُتاح الوصول متضمناً فرض رسوم على النّشر للمؤلّفين دون تقديم خدمات التّحرير والنّشر المرتبطة بالمجلات الشّرعيّة/القانونيّة حيث يفشل هؤلاء الناشرون بتأمين مراجعة دقيقة من قبل الزملاء، مما يعني أنَّهم ينشرون مقالات رديئة النوعيّة بغض النظر عن النّزاهة الأكاديميّة والعلميّة. كما أنَّ غياب عملية المراجعة الملائمة من قبل الزملاء، لن يكون محتوى هذه المجلات جديراً بالثقة. وبذلك، تضر سمعة المؤلّف بدلاً من تعزيزها

.

 جيفري بيال، الرجل وراء مصطلح “النّاشر المفترس”

في العموم، تُعلن هذه المجلات عن عوامل تأثير مزيفة غير مسجَّلة حقيقةً في قاعدة البيانات الخاصة بتقارير اقتباس المجلات لعوامل التّأثير. وتدَّعي هذه المجلات أيضاً أنّها مُفهرَسة في قاعدة بيانات خاصة، بينما في الحقيقة ليست كذلك. لذا كثيراً ما ينتهي المقال بنشره فقط على موقع المجلة دون أيّ فهرسةٍ في قواعد بيانات محترمة.

مؤخراً، اختبرَ عددٌ من التجارب المجلات والنشر الافتراسي. ففي عام 2015، ابتدع مجموعة من الباحثين عالمةً زائفة باسم Anna O. Szust (تعني كلمة oszust “الاحتيال” في اللغة البولندية). كما أنّهم تقدّموا بطلب باسمها لمنصب مُحرِّر في عدد من المجلات الافتراسيّة والمجلات المُحكَّمة (المجلات المستوفية لمعايير الجودة المحددة). علماً أنَّه لم يكن لدى هذه العالمة الزائفة د. فرود Dr. Fraud أيَّة مؤهلات لتكون مُحرِّرة في مجلة، فليس لديها نشر ولا خبرة سابقة في التّحرير. رغم ذلك، قبلتها 40 مجلة افتراسيّة لمنصب مُحرِّر في غضون أيام. في حين لم تقبلها أيَّاً من المجلات المُحكَّمة. نُشرت نتائج هذه التجربة في مجلة “الطبيعة Nature” في عام 2017.

SCIgen في تجربة ممتعة أخرى./: إنَّ SCIgen برنامج حاسوب يستخدم قواعد خالية من السّياق لتوليد عشوائي لا معنى له بشكل أوراق بحثيّة في علوم الحاسوب. يُشكِّل هذا البرنامج كل عناصر الأوراق البحثية، متضمِّنة المخطّطات، والرسوم البيانيّة، والاقتباسات. قُبِلت عدد من الأوراق البحثية الوليدة العشوائيّة لبرنامج SCIgen والخالية تماماً من أي معنى في المؤتمرات الافتراسيّة والمؤتمرات منخفضة المعايير.

تُمثِّل الرسائل الالكترونية المزيّفة التي يتلقاها العديد منا مثالاً آخر للناشر الافتراسي. حيث تستخدم الإطراء المبالغ فيه وغالباُ دعوات للانضمام لمجالس التّحرير، وكتابة فصول في كتاب، وتقديم الملخصات للمؤتمرات، ونشر المقالات. غالباً ما ينتقون أسماء المؤلّفين من مواقع الكترونيّة مختلفة، ويبدؤون إغراقهم بالبريد المؤذي/غير المرغوب به مع طلباتهم. يوجد في الأسفل رسالة الكترونيّة مثالاً لذلك

:

يوجد النّاشر المرسل لهذه الرسالة الالكترونيّة (Juniper publishers) في قائمة بيال للمجلات الافتراسيّة. قد تبدو هذه الرسالة الالكترونيّة شرعيّة/قانونيّةً بشكل سطحي لأحدهم. بينما، تدل عدّة إشارات إلى أنَّ هذه الرسالة الالكترونيّة من قبل ناشر مفترس. إنَّ أكبر إشارتين لذلك طلب المجلة أن يقدّم المؤلّف عمله بفارغ الصبر، واستخدامهم الإطراء المبالغ فيه “لذا، قد اخترت بعضاً من الناس المعروفين جيداً مثلك لتمهلنا إلى حين الإفراج عن الإصدار القادم”. بعد ملاحظة هذه الإشارات، كنت قادراً على تحديد نوع المجلة كمفترسة وذلك بالبحث عن اسم النّاشر في قائمة بيال.

إنَّ تسليط الضوء على قضيّة المجلات الافتراسيّة مهم جداً لأن العديد من المؤلّفين من سوريا والبلدان النامية تقع ضحيةً لهذه المجلات. على الرغم من أنَّ النّشر في هذه المجلات سهل جداً، إلّا أن هكذا نشرات ستلحق الضرر بمؤلّفها فقط./لن تلحق الضرر إلّا بمؤلّفها. فهي لن تعزّز هذه المنشورات أو ملخصات المؤتمرات أو فصول الكتب السّيرة الذّاتيّة للمؤلّف. بدلاً من ذلك، ستشوّه سيرته الذّاتيّة بالإضافة إلى الإضرار بفرص قبوله في برنامج تعليمي محترم / إقامة في بلدان أخرى. في الحقيقة، ستؤذي هذه النّشرات مصداقيّة وسمعة المؤلّف لأنَّ اسمه سيكون مرتبطًا بأماكن/مواقع نشر احتياليّة وغير جديرة بالثقة

.

المصادر:

من المهم الآن ذكر بعض المصادر التي من شأنها أن تساعد المؤلّف على تحديد مثل هذه المجلات. تُعدّ قائمة بيال أشهر مصدر لذلك. على الرغم من إغلاق مدوّنة جيفري بيال التي تضمَّنت القائمة مؤخراً لأسباب غير مؤكّدة، تحافظ العديد من المواقع الالكترونيّة على القائمة وتحدّثها باستمرار. في ما يلي موقعان الكترونيان يمكنك زيارتهما للتحقق ممّا إذا كانت إحدى المجلات مفترسة: beallslist.weebly.com و predatoryjournals.com. قبل تقديم أي ورقة إلى مجلة، سيكون من الحكمة التحقق من سمعة المجلة باستخدام هذه القائمة.

أيضاً، قد أُحدِثت معايير من نمط 13 نقطة طويلة من قبل Times Higher Education لتحديد هذه المجلات. إنَّ هذه المعايير متاحة على موقعهم على الانترنت/موقعهم الالكتروني. كما وُصِفت مجموعة أخرى من المعايير على مدوّنة PLOS.

بالإضافة إلى المجلات، توجد نزعة مزعجة/اتجاه مزعج للمؤتمرات الافتراسيّة التي تستغل الأكاديميين والباحثين. تُعد المؤتمرات الافتراسيّة أو الاجتماعات الافتراسيّة لتبدو بمظهر المؤتمرات العلميّة الشّرعيّة/القانونيّة لكنّها استغلاليّة حيث أنَّها لا تؤمن ضبط التّحرير المناسب للعروض التقديميّة كما أنّ الإعلان يتضمّن ادّعاءات حول مشاركة الأكاديميين البارزين وفي الواقع هم ليسوا كذلك. إنَّها توسّع لنموذج الأعمال التّجاريّة للنّشر الافتراسي متاح الوصول، الذي يتضمّن خلق نشرات أكاديميّة مبنية على نموذج العمل الاستغلالي الذي يقتضي عموماً فرض رسوم على النّشر للمؤلّفين دون تأمين التّحرير وخدمات النّشر المرتبطة بالمجلات الشّرعيّة/القانونيّة.

يُشابه النّشر في هذه المؤتمرات النّشر في المجلات الافتراسيّة. وبالتالي، لها نفس التأثير المؤذي على سمعة النّاشر. شارك أحد الأكاديميين، ريتشارد إدواردز Richard Edwards تجربته الرهيبة مع هذه المؤتمرات في مدوّنته. عندما تأتي لتحديد هذه المؤتمرات، يوجد مصدرين خاصين للمساعدة نُشِرا من قبل جامعة جورج واشنطن George  Washington University ومكتبة UCD UCD Library. لذلك، من الهام للغاية التّحقق من أي مؤتمر تُقدِّم له بحثك، لأنَّه قد ينتهي بك المطاف بإنفاق المال عبثاً وإلحاق الضرر بسمعتك.

:

الخلاصة

بإيجاز، يُعدّ الافتراس متاح الوصول نموذجاً من العمل التّجاري الاستغلالي الذي يسيء للباحثين والأكاديميين مالياً. قد يبدو من المغري أن ينشر شخص ما أعماله مع هؤلاء النّاشرين بسبب ارتفاع معدل القبول والدّعاية السريعة. رغم ذلك، من الأفضل الابتعاد عن هؤلاء النّاشرين وهذه المجلات والمؤتمرات لأنَّ النشر معهم سيكون مؤذياً جداَ على المدى الطويل وسيثير العديد من الأسئلة حول مصداقيّة وسمعة المؤلّف.

References:

Cartwright, V. A. (2016). Authors beware! The rise of the predatory publisher. Clin Exp Ophthalmol, 44(8), 666-668. doi:10.1111/ceo.12836

SCIgen. SCIgen.   Retrieved from https://pdos.csail.mit.edu/archive/scigen/#about

Sorokowski, P., Kulczycki, E., Sorokowska, A., & Pisanski, K. (2017). Predatory journals recruit fake editor. Nature, 543(7646), 481-483. doi:10.1038/543481a

Stone, T. E., & Rossiter, R. C. (2015). Predatory publishing: Take care that you are not caught in the Open Access net. Nurs Health Sci, 17(3), 277-279. doi:10.1111/nhs.12215

Wikipedia. SCIgen.   Retrieved from https://en.wikipedia.org/wiki/SCIgen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى